Header Ads

أصحاء الضمائر في زنزانة العقلاء

A76D2926-9C7A-4122-8CB2-92F7E55BB4DD_cx0_cy7_cw0_mw1024_mh1024_s
الصورة من محرك البحث كوكل
زيد الفتلاوي

الاصحاء يحاربونهم لتكون النتيجة "مجانين" 
الشعوذة والسحر والروحانيات تزيد من حالة الكثير جنونا 
6 ملايين مصاب في العراق، والدولة عاجزة عن ايواء المرضى النفسيين

حصار وجداني وانتهاك اجتماعي يعاني منه الموصوفون (بالمرضى النفسيين) والذي يزيد من حالتهم سوءا ، فغياب رزانة عقلهم لم يمنعهم من الشعور بالحزن لما حولهم وبالخصوص كلام الناس الذي عبر عنه احدهم بانه السبب في مرضه النفسي لتوصيفهم (بـالمخبل) المجنون .
محاولات عديدة حاولتها للتسجيل معهم بواسطة كاميرا فيديوية الا انها بائت بالفشل بسبب هروبهم خوفا ، مما اضطرني الى ان اسجل لهم مقاطع صوتية بواسطة الموبايل ، ليحدثني احدهم قائلا "الناس هي من جعلتني هكذا، اين ما اذهب تبدأ الاطفال بالصياح باني مجنون والكبار تنظر لهم فليس لي الا الهرب".
اما الاخر عبر عن حزنه لما يتعامل معه الناس حيث قال "الناس تناديني بالمجنون ولا تهتم لحالتي التي اعانيها ، فاين ما اذهب اجد امامي هذا الامر رغم علمي باني لست بالمجنون".مشيرا الى احتياجه للاموال من اجل العلاج هو ما يجبره على الخروج الى الشارع لقضاء حوائج الناس مقابل مبالغ بسيطة كحمل اغراضهم وغيرها .
حاولت المسير خلفهم اطول مسافة ممكنة كي اشاهد تعامل الناس معهم عن كثب فهناك ابتسامة وهناك الم ، يبتسمون مع اصدقائهم الذين يعرفون بانهم يساعدوهم باموال او اكل أوشرب وشعورهم بالراحة يُرسم على وجوههم ، وشاهدتهم يتألمون عندما يبدأ الاطفال او حتى الكبار بإزعاجهم بلقب "المجنون" او الصراخ بوجوههم وبعضهم يتحول الى طاقة سلبية فيبدأ بالضرب والصراخ في الشارع ويتحول الى انسان مؤذي جدا ، وكل ذلك هو ردة فعل لما يتعامل الناس معهم .

مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ

توجهت لاتحدث مع احد الذين يتعامل مع المرضى النفسين دون ان يعرف انني صحفي اخذته بالكلام لاطرح عليه عدة اسئلة اهمها مالسبب في تعامله بهذه الطرق التي شاهدتها حيث يعطيهم المال القليل من اجل عمل كبير فيستغل وجودهم بنقل الازبال خارج مطعمه الواقع وسط شارع ضيق ومكان النفايات يبعد عنه حوالي الـ 400 متر حيث يوضح سببه على حد قوله "لايوجد من يرمي النفايات الكثيرة عندي مقابل المبلغ الذي اعطيه لهؤلاء ".

غياب الانسانية عند الاصحاء
لم يكن هذا المرض يصيب الرجال فحسب فحال النساء هو الاسوأ والاكثر الما لما يتعرضن له من اعتداءات نفسية وجسدية ، فلم انس مروري باحد شوارع محافظة الديوانية (180 كم جنوب بغداد ) فأرى تلك الإمرأة المصابة بعوق عقلي كيف بان عليها حملها وكبرت بطنها ،وحين سألت من حولي عن ما رايت قالوا ليست المرة الاولى فضعاف النفوس يغتصبوها دائما ليخرج جنينها مجهول المستقبل منذ الولادة او الموت ورميه بحاوية النفايات ! .

بعثرة القوانين
لجأت بعد ذلك الى مكتب حقوق الانسان لاستفسر عن مصير هؤلاء وحقوقهم الضائعة كباقي حال بني البشر فلم احصل على جواب شافي سوى ان القوانين غير صارمة او غائبة عنهم محملين الحكومة سبب عدم ايواء هذه الشريحة التي تزداد مرضا بسبب ما تعانيه من صدمات في الواقع وعدم وجود مستشفيات كافية لهذا الغرض ، إذ توجد ثلاث مستشفيات نفسية 'الرشاد وابن رشد في بغداد وسوز في السليمانية فقط تقريبا وعدد الوحدات النفسية لا تتجاوز الـ 36 وحدة في كافة انحاء العراق' .

العراق اكثر البلدان تأهيلا للاصابة بالامراض النفسية

وعن اسباب الاصابة بالامراض النفسية ، قال الدكتور المختص في الامراض النفسية محمد جابر ان "للظروف المحيطة الدور الاساس في اصابة الانسان بالمرض النفسي او خلل العقل البشري وخاصة في العراق وما يمر به من ضغوطات نفسية بسبب الحروب والحصار الاقتصادي ومشاهد القتل والدمار وغيرها ".
واشار جابر الى ان "احصائية عالمية لعامي 2006-2007 سجلت نسبة 18 % من المصابين بالمرض النفسي في العراق وهذا من النسب الخطيرة في العالم ".
واضاف جابر ان "العراق وما يمر به من ظروف تؤهل الكثير للاصابة بهذا المرض النفسي ان لم يكن هناك التفاته حقيقة من الجهات المعنية ".

الخجل يلحقه الجنون
يعاني الكثير من الاشخاص من خجل البوح لما يعانيه من اضطرابات نفسية بل يصل الحال بعدم مراجعته لاي مركز صحي او طبيب نفسي وهذا ما يؤثر عليه تدريجيا الى ان يصاب بالجنون بعدها ، لذلك فان الاسراع بالمعالجة في بداية تدهور الشخص هي الحل الوحيد للخلاص من المرض .

6 ملايين مصاب بالمرض النفسي في العراق
بحثت في شبكة الانترنت لعلي احصل على ارقام او بيانات لمعدل الاصابات في العراق حتى وجدت ان "منظمة الصحة العالمية تؤكد على أن ستة ملايين عراقي مصابين بامراض نفسية جراء الحرب، ويعاني العراقيون أمراضا نفسية، معظمها نتيجة الحروب وسنوات الاقتتال الطائفي ومشاهد العنف، وضلوع المرضى في أحداث ولّدت لديهم حالات، يرفض كثيرون منهم الاعتراف بوجودها، ويعزفون عن معالجتها بسبب ثقافة "العيب" إلا ان اغلب أمراضهم العقلية والنفسية ناجمة من تأثيرات الحروب، واشارت نتائج إحصاء علمي اجري للأمراض النفسية في العراق عام 2006 بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، إلى أن نسبة الأمراض النفسية في البلاد بلغت 18.6 بالمئة".

حسابات مذهلة وارقام مفزعة
اذا احتسبنا عدد نفوس العراقيين (32 مليونا) فان نسبة المصابين بالامراض النفسيه (سته ملايين) ولو اخذنا المصابين منهم بـ (بفصام العقل) وهم حسب النسب العالمية 0.85 % فسيكون رقما مفزعا 'ثلاثمائة الف مريض بفصام العقل، فضلا عن ان ما لايقل عن 40% من المراجعين للمستشفيات والمراكز الصحية والعيادات الخاصة هم بالأساس يعانون من مرض نفسي لا يرغبون بالبوح به او يظهر على شكل اعراض جسمانية متعددة.

طبيب واحد لكل 150 الف نسمة
واخر احصائية حصلت عليها من الشبكة العنكبوتية لعدد الاطباء واحتياج العراق الذي شهد حروب لعقود من الزمن اسفرت عن امراض اجتماعية ونفسية متنوعة حيث أن عدد الأطباء النفسانيين في العراق هو اقل من العدد المطلوب عالميا في أي بلد، ولم يتبق في العراق سوى 80 طبيبا نفسانيا بعد 2003 وقد تعافى العدد الان ليصل الى 200 طبيب حاليا 'اي طبيب واحد لكل 150000 نسمة' وهو عدد لا يكفي ولا يسد حاجة العراقيين المصابين .

الشعوذة والمعالجة الروحية تفاقم المرض
ما يجدر الاشارة اليه ان عددا كبيرا من المصابين بالاضطرابات العقلية والنفسية يراجعون المعالجين الروحانيين والمشعوذين بالسحر وغيرها من الاساليب الخاطئة وهذا ما يؤدي الى تفاقم المرض والذي يحتم على الحد من هذه الظاهرة عبر نشر ثقافة العلاج الصحي والنفسي عبر الاخصائيين .

مسببات كثيرة وتحدي كبير في تفاقم انتشار المرض العقلي والنفسي في بلد يعاني الويلات منذ عقود وفي تزايد فما على الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الا العمل جاهدا من اجل ايجاد حلول فعلية لانقاذ انفس وارواح الكثير .

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.